الشيف الأردنية ياسمين ناصر.. تطهو الأمل في مواجهة حرب التجويع بغزة
عمّان، الأردن (CNN) —
منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة في أواخر عام 2023، تحولت مهارات الشيف الأردنية ياسمين ناصر من مجرد وصفات للطهي إلى رسائل حياة وأمل، بعد أن سخّرت دراستها الأكاديمية في معهد لو كوردون بلو العالمي وخبرتها العملية في فنون الطهي، لخدمة الفلسطينيين المحاصرين تحت ويلات المجاعة.
من باريس إلى غزة.. رحلة الطهو للنجاة
لم تكن رحلة ناصر في عالم الطهي عادية؛ فبعد سنوات من الدراسة المتخصصة في باريس، حملت معها فلسفة إنسانية ترى أن الطعام ليس مجرد لذة، بل وسيلة للبقاء. هذه القناعة تحولت إلى التزام أكبر مع تفاقم أزمة الغذاء في غزة، حيث غابت الخميرة، شحّت المياه، وانقطعت المواد التموينية الأساسية.
هنا تدخلت ناصر من بعيد، لتقدّم عبر منصاتها الرقمية وصفات بديلة مبتكرة، مثل إعداد الخميرة الطبيعية، أو تقطير المياه للشرب الآمن للأطفال الرضع، وصولًا إلى تبريد المياه باستخدام الفخار والرمل.
وصفات من “العدم”
تقول ناصر: “مع مرور الوقت لم يعد التحدي مجرد ابتكار وصفة بمكونات قليلة، بل أصبح إيجاد أي طريقة لتحضير شيء من لا شيء.”
فقدّمت للعائلات طرقًا لإعداد الدجاج من الطحين، والقهوة من الحمص، واللحوم النباتية من العدس، وهي وصفات حافظت على صورة الطعام المألوف في أذهان الناس رغم قسوة الواقع.
وتضيف: “أعرف أن أي تجربة فاشلة في غزة تعني خسارة مكوّن أساسي، لذلك كنت أجري التجارب بنفسي باستخدام أقل جودة ممكنة من المواد، حتى أضمن نجاح الوصفة.”
ملايين المتابعين ورسالة إنسانية
يتابع ناصر أكثر من 3 ملايين شخص حول العالم عبر إنستغرام ويوتيوب، وتشارك أيضًا في برامج تلفزيونية عبر قناة “رؤيا” الأردنية. لكن بالنسبة لها، الشهرة ليست الهدف؛ بل الوصول إلى كل بيت غزيّ يحتاج وسيلة للتغلب على الجوع.
وتقول: “صحيح أنني حزينة على الواقع، لكن صناعة الأمل في إدامة الحياة شغلتني. يكفيني أن تنجح عائلة واحدة في إعداد وجبة تحفظ بقاءها”.
تأثير أبعد من الطعام
لم تتوقف رسالتها عند المطبخ فقط؛ بل لعبت أيضًا دورًا في رفع مستوى التوعية العالمية بمعاناة الفلسطينيين. وتؤكد: “تغيّرت اتجاهات الرأي في أوروبا وأمريكا بعد الاطلاع على هذه الحقائق. الطعام هنا لم يعد مجرد غذاء، بل وسيلة لسرد قصة إنسانية للعالم”.
حفظ النعمة.. فلسفة الطهي
تختم ناصر حديثها بعبارة تلخص تجربتها: “قبل غزة كنت أؤمن دائمًا بضرورة حفظ النعمة، أما اليوم فأصبحت أقدّر الطعام أكثر من أي وقت مضى، وأدركت أن أبسط المكونات قد تصنع معجزة حياة.”