لحظة إلهام عند الثالثة فجرًا… كيف صنع عمار الشريعي أسطورة “رأفت الهجان”؟

في وقت كانت الدراما المصرية تبحث فيه عن صوت فني جديد يعبر عن بطولات خفية، جاء الموسيقار عمار الشريعي ليقدم بطلًا من نوع آخر… لا يظهر على الشاشة، بل يُسمع في الخلفية، نابضًا بالمشاعر، وناقلًا للحكاية. موسيقى “رأفت الهجان” لم تكن مجرد خلفية تصويرية، بل أصبحت شخصية درامية قائمة بذاتها، تسرد ما تعجز عنه الصورة، وتُكمل ما لا يُقال بالكلام.

رحلة خلق موسيقى غير تقليدية

خرج الشريعي عن الإطار المألوف، فبدلًا من لحن تقليدي يتكوّن من ثلاث أو أربع مازورات، اختار أن يؤلف قطعة موسيقية من 16 مازورة. قسمها إلى جملتين واضحتين تكررتا طوال الحلقات، مع تعديلات طفيفة في التنغيم والتوزيع، ما منحها مرونة التعبير عن تطور شخصية رأفت الهجان على مدار الزمن، وربط المشاهد بها عاطفيًا دون وعي.

الساعة الثالثة فجرًا… لحظة الميلاد

وسط ضغوط الإنتاج وتكرار المراجعات، دخل الشريعي في حالة صمت وتأمل طويل. غلبه النعاس، لكنه استيقظ عند الثالثة والنصف فجرًا وقد تبلورت في ذهنه الجملة الموسيقية الأساسية. دون تردد، أمسك بآلته وسجل الفكرة فورًا. من تلك اللحظة انطلقت جلسة تسجيل مكثفة تم فيها تنفيذ تتر المسلسل بسرعة مذهلة، وكأن صفاءً داخليًا مفاجئًا فجّر هذه الطاقة الفنية الهائلة.

إبداع تقني لخدمة المعنى

ولم يكتفِ الشريعي بالمألوف من الآلات أو الأصوات، بل أعاد برمجة آلة “الأورج” لتتمكن من عزف الربع نغمة الشرقية بدقة متناهية، ما سمح له بدمج الروح الشرقية بالعناصر الغربية بسلاسة كاملة. كانت تلك لمسة عبقرية حافظت على هوية البطل المزدوجة، بين مصر وإسرائيل، دون أن تطغى ثقافة على أخرى.

ختامًا

بلمسة فنية مبهرة وذكاء موسيقي نادر، كتب عمار الشريعي فصلًا جديدًا في تاريخ الموسيقى التصويرية العربية. حول لحنًا إلى هوية، ونغمة إلى بطولة، ومسلسلًا إلى أسطورة لا تُنسى.

عن حنان نصر

شاهد أيضاً

تامر حسني يتألق في أحدث جلسة تصوير ويتحدث عن مهرجان العلمين الجديدة

  شارك النجم تامر حسني جمهوره عبر صفحاته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *